والوجه في ترتب الضرر على الاقدام مع الشك والاحتمال في أمثال ذلك كون الموارد مما اهتم الشارع بحفظه، وكونه مما يجب فيه الاحتياط، ولذا يترتب عليها الحكم مع الاقدام في حال الشك أيضا، وهذا بخلاف ما نحن فيه كما عرفت.
والحاصل أنه فرق بين المقام وبين الموارد المذكورة، فإن في الموارد المذكورة قد تنجز الواقع فلا يجوز الاقدام عليها إلا مع وجود المعذر والحجة الشرعية من الأمارات والأصول، وإلا فمجرد احتمال ترتب قتل النفس المحترمة على الفعل يتنجز التكليف ويحكم بعدم الجواز، وهذا بخلاف المقام، فإن الواقع لم يتنجز فالشرط الضمني موجود ما لم يقم دليل على رفع اليد، فمقامنا عكس الموارد المذكورة، حيث إن الاقدام على الضرر لا يتحقق إلا مع قيام دليل شرعي عليه، فإذا أقدم على معاملة ولو مع ظن عدم التساوي لا يوجب ذلك رفع اليد عن الشرط الضمني لعدم كون الظن حجة شرعية.
لو ظهر التفاوت بأزيد مما اعتقده المشتري ثم إنه لو اعتقد المشتري عدم كون قيمة هذا المتاع مساويا مع القيمة السوقية، ومع ذلك قد أقدم عليه وظهر التفاوت بأزيد مما اعتقده، فهل يتحقق خيار الغبن في ذلك أم لا؟
فصور المسألة أربعة:
1 - أن يكون ما اعتقده من زيادة بما يتسامح ومع ذلك أقدم عليه ولم يعرض عنه لزعم عدم اتحاد قيمة الأمتعة في الأسواق، فإنه قلما يوجد شئ تتحد قيمته في الأسواق بل الدكاكين في الأسواق مختلفة، فإن بعض الناس يأخذ الربح الكثير وبعضهم يقنع بالقليل لقلة مخارجه أو قلة طمعه أو كثرة منافعه، وبعضهم لا يقنع بالقليل لعكس الأمور