إذ الجزء الآخر وهو الغبن محرز بالوجدان، وأما العلم والجهل فلا يترتب عليهما الأثر بوجه إلا من جهة أن العلم من مقدمات عدم الاقدام على الضرر والجهل من مقدمات الاقدام على الضرر، ولا يكون أصالة عدم الاقدام على الضرر مثبتا.
وتوضيح ذلك: أن الشرط الضمني موجود في كل معاملة بتساوي القيمتين، سواء كانا ملتفتين بذلك أم لا، وقد جرت المعاملة على الأشياء بهذا الشرط، وإذا شككنا في أن المغبون هل أقدم على المعاملة مع العلم بعدم التساوي بحيث يكون اقدامه على الضرر مزيلا لهذا الشرط فالأصل عدمه، أي عدم اقدامه على ذلك، فيكون الشرط باقيا على حاله مع كون الضرر وجدانيا، فلا يترتب ثبوت الشرط على الأصل بل الشرط ثابت ببناء العقلاء.
على أنا نشك في اعتبار الملكية بعد الفسخ للغابن فالأصل عدمه، إلا أن يعارض بمثله، وتحقيق الكلام في الاستصحاب.
وعلى الجملة هذا الذي أفاده المصنف (رحمه الله) متين لو بدل أصالة عدم العلم بأصالة عدم الاقدام، فإن عدم العلم ليس موضوعا للخيار بل الموضوع هو الضرر مع عدم اقدامه عليه أي مقيدا بذلك، فلا شبهة أن الضرر محرز بالوجدان والقيد محرز بالأصل، فيثبت الحكم وهو الخيار للمغبون بالأصل الموضوعي الحاكم على أصالة اللزوم.
لو كان المغبون من أهل الخبرة هذا كله إذا لم يكن المغبون من أهل الخبرة، وإلا فالظاهر عدم الاعتناء بقوله، فإنه لا معنى لكونه أهل الخبرة ومع ذلك يدعي الجهل بالقيمة، فإنه يرجع إلى التناقض أو يكون دعواه غير عقلائي أصلا، فإن مقتضى الظاهر من كونه من أهل الخبرة هو صدور المعاملة منه عن علم.