المناقشة في كلام الشيخ (رحمه الله) بامكان الالتزام بعدم الضرر في باب العبادات ثم إنه ذكر المصنف في آخر كلامه أنه يمكن الالتزام بعدم الضرر أصلا في باب العبادات، لأنما يصل إليه من الأجر أعظم مما يفوت عنه من المال، وقد وقع في مقابل ماله أجر كما أنه لا يقال: إن فلانا تضرر، إذا باع ماله وأخذ الدينار، فإن في مقابل ماله وصل إليه الدينار، فلماذا يكون ضرر عليه.
وفيه أولا: النقض بسائر أبواب العبادات، فإنهم لم يلتزموا بذلك في غير باب الوضوء، كما أشرنا إليه.
وثانيا: إن وصول الأجر إليه غير معلوم، فإنه مع نفي الحكم بادله نفي الضرر وحكومة أدلته على الأحكام الأولية لا يبقى هنا أمر بالوضوء حتى يؤجر ويصل إليه الثواب، فإن الثواب إنما يترتب على امتثال الأمر لا على مجرد الحركات الخارجية.
والحاصل أنه ذكر المصنف أن الضرر المالي في باب الوضوء لا يتحقق فإنه يحصل في مقابله أجر له، فلا يكون ضررا عليه، وقد ذكر وجه ذلك في قاعدة لا ضرر حيث قال: إن المنفي بدليل نفي الضرر إنما هو الضرر غير المتدارك والضرر هنا متدارك بالثواب، أو أن هنا ليس ضرر أصلا حتى يكون متداركا، فإن ذلك نظير اعطاء الفلس وأخذ المتاع كما لا يخفى، فافهم، وعليه فلا يكون الضرر المالي في باب الوضوء ضررا.
أقول: أما تفصيل نفي الضرر بالضرر الغير المتدارك مما لا وجه له أصلا لعدم الدليل عليه، وأما أن القول بأنه ليس هنا ضرر لوصول الأجر عليه فهو يشبه العرفان، بداهة أن هذا ضرر بلا شبهة.