الصورة الأولى: الاختلاف في العلم والجهل أما الاختلاف في العلم والجهل فقد ذكر المصنف وجهين في ثبوت الخيار للمغبون.
الوجه الأول: إنه مع الجهل بأن المشتري عالم بذلك أو غير عالم فالأصل عدم العلم، فحيث إن الغبن ثابت بالوجدان فيكون عدم العلم أيضا ثابتا بالأصل، فيتم موضوع الخيار للمغبون فيحكم بثبوت الخيار له وهو واضح.
الوجه الثاني: ما ذكره في أثناء كلامه، من أن كون المشتري عالما بقيمة المبيع أو غير عالم بها لا يعلم إلا من قبله، فعليه يعسر له إقامة البينة على ذلك، أي على جهله، مع أنه لا يمكن للغابن أيضا الحلف على علم المغبون بالحال لجهل الغابن بالحال، ثم أمر بالتأمل.
ويمكن المناقشة في كلا الوجهين:
أما الثاني فباب المناقشة فيه واسع، وذلك إذ لا وجه لمنع أنه لا يمكن إقامة البينة للمغبون على جهله، فإنه كسائر الأوصاف النفسانية التي يمكن له إقامة البينة عليها ولو باعتبار آثارها، وكذلك لا وجه لمنعه من حلف الغابن علي علم المغبون، بداهة أنه كثيرا ما يطلع عليه بالمجالسة والممارسة كما هو واضح، على أنه لا وجه لهذه الكبرى، أي أن كل ما يعسر إقامة البينة عليه فيقبل من المدعى، إذ لا دليل عليه بوجه أصلا كما سيأتي.
وأما الوجه الأول، فأصالة عدم العلم لا فائدة لها، إذ العلم أو الجهل ليسا موضوعين للخيار وعدمه، فلو بدل أصالة عدم العلم بأصالة عدم الاقدام على الضرر لكان حسنا، فإن الضرر إنما هو موضوع الخيار فالاقدام مزيل له، فأصالة عدم الاقدام على الضرر يثبت موضوع الخيار،