وفيه مضافا إلى أنه دليل لبي يقتصر فيه على المورد المتيقن، وهو صورة التعليق في العقود، أن الاجماع هنا على خلافه كما تقدم، فلا وجه للمناقشة من هذه الجهة، وبالجملة فلا دليل على بطلان اسقاط ما لم يجب بوجه.
التحقيق في المقام والذي ينبغي أن يقال: إن الخيار الثابت للمتبايعين في المجلس ما لم يفترقا من قبيل الحقوق التي تقبل السقوط، وقد قلنا في أول البيع أنه وإن كان لا فارق بين الحق والحكم، فإن جميع ذلك حكم إلهي مجعول لله تعالى، ولكن بعض أقسام الحكم اختياره تحت يد المكلف، فله اسقاطه أو ابقاؤه، ونسمي ذلك القسم من الحكم حقا، ولا يسقط حكما كالجواز في الهبة.
ومن الواضح أن خيار المجلس مما يقبل الاسقاط، وأوضح شئ يدل على أنه يسقط بالاسقاط ما في ذيل الأخيار الدالة على خيار المجلس والحيوان، فإن في ذلك قال (عليه السلام): فذلك رضا بالبيع (1)، فإن الظاهر من ذلك أن أمره بيده وليس ذلك مثل الهبة، فإن الجواز في ذلك حكم لا يسقط بالاسقاط، بل ولو أسقطه ألف مرة، فأيضا يبقى الجواز على حاله وإذا خالف ولم يسقط قد فعل فعلا محرما، ومع ذلك لو فسخ كان فسخه مؤثرا لعموم أدلة الخيار.