جريان خيار الشرط في الوصية والهبة وأما الوصية، سواء كانت ايقاعا أو عقدا، فإن كان قبل الموت فهو جائز بطبعه، فلا يدخل فيه الخيار بل كلما أراد الفسخ يفسخ، وإن كان بعد الموت فهو لازم فيجوز فيه جعل الخيار، إذ لا نرى فيه ما ينافي مفهوم الايصاء وأنه موافق لما دل باطلاقه على صحة الوصية.
ولكن في جعل الخيار فيها استبعادا محضا، وذلك فإن مقتضى جعل الخيار فيه أنه بالفسخ من المورث أو من له الخيار أن المال يرجع إلى ملك الميت، فإنه الذي أنشأ العقد وجعل فيه الخيار وكان المال في ملكه، ثم بتوسط الميت ينتقل إلى الورثة، فإن في هذا استبعادا محضا بأنه كيف يملك الميت بعد موته ولكنه مجرد استبعاد فلا محذور فيه.
وأما الهبة المعوضة التي لا تكون لذي رحم أو على وجه قربي أو من الزوج للزوجة، فلا شبهة في جعل الخيار فيه، فإنه من العقود التي لا محذور فيها لجعل الخيار بوجه كما لا يخفى، فافهم.
خلاصة الكلام في معنى جريان خيار الشرط في العقود والحاصل أنك قد عرفت أن معنى جعل الخيار في العقد هو جعل المنشأ مقيدا بقيد خاص وبحد خاص، فيكون مفاد العقد هي الملكية المحدودة بعدم الفسخ، ثم إنك قد عرفت أيضا أن معنى جعل الشرط في العقد هو كون البيع أي الملتزم به معلقا بذلك الالتزام الشرطي، بحيث إنه لولا ذلك الالتزام الشرطي المعلق عليه لما باع البايع ماله أصلا، وقلنا إن التعليق في أمثال ذلك لا يضر، فإنه إنما يضر إن كان لأمر مشكوك الحصول لا لأمر منجز كما لا يخفى.