بيان آخر لعدم جواز التمسك بحديث الرفع والحاصل أنه لا يمكن التمسك هنا بحديث الرفع لوجهين:
1 - أن الظاهر من حديث الرفع هو الاكراه يوجب رفع الحكم الثابت على ما أكره عليه، من موضوع الحكم الذي ترتب عليه الحكم ومن متعلقه الذي ترتب تعلق به الحكم، وأما ترتب الحكم على الاكراه بعدم شئ فلا يستفاد من حديث الرفع.
وتوضيح ذلك أنه إذا كان أحد مضطرا إلى شئ أو مكرها عليه أو ناسيا، فكان الحكم المتعلق به أو المترتب عليه حراما في الواقع مثلا، فإن حديث الرفع يرفع هذا الحكم كما هو الظاهر، وأما لو كان الشئ متروكا عن اكراه أو نسيان فلا يوجب حديث الرفع ترتب الحكم على العمد، أي ليس الاكراه على عدم شئ موردا لحديث الرفع وموجبا لثبوت الحكم الذي كان ثابتا مع عدم الاكراه.
مثلا إذا كان أحد يختار صلاة الجماعة لأن يستريح من الشكوك الطارئة عليه أو يستريح من قراءة الفاتحة، فإذا أكرهه أحد على ترك الجماعة فلا يوجب الاكراه ترتب أحكام الجماعة عليه من عدم الاعتناء بشكه، لأنه حين ما كان يصلي الجماعة لا يعتني بشكه لحفظ الإمام، وكذلك لو كان أحد متجهزا إلى الجهاد ومتلبسا بلباس الحرير، لأنه يجوز لبسه في الحرب، ولكن منعه شخص عن ذلك اكراها، فإن الاكراه حينئذ لا يجوز لبس الحرير.
والحاصل أن دليل الاكراه يرفع الحكم المترتب على الموضوع الذي أكره عليه أو المتعلق الذي تعلق به الحكم، ولا يكون ناظرا أبدا إلى اثبات الحكم مع الاكراه على ترك موضوع ترتب عليه الحكم أو متعلق