أنه لا شبهة في جواز اسقاط الخيار من مجموع المبيع، بأن يقول أسقط خياري من مجموع هذا الحيوان، وهل يجوز اسقاط الخيار من نصفه أم لا، فالظاهر هو عدم الجواز، لأن نصف الحيوان ليس بحيوان فلا يثبت خيار الحيوان إلا فيما إذا كان المبيع حيوانا.
وأما اسقاط بعضه من حيث الزمان بأن أسقط خياره يوما أو يومين أو أقل أو أكثر، فالظاهر هو الجواز لأنه ملك فسخ العقد، فذي الخيار مالك لذلك، فله أن يسقط حقه بأجمعه أو ببعضه ولا يلزم المحذور المذكور هنا، لأن اطلاق الأدلة تشمله حتى في الآن القليل من الزمان.
وبعبارة أخرى فأدلة الخيار تشمل المبيع إذا كان حيوانا في كل آن وزمان.
3 - التصرف قوله (رحمه الله): الثالث: التصرف، ولا خلاف في اسقاطه في الجملة.
أقول: قد اضطربت كلمات الفقهاء في مسقطية التصرف غاية الاضطراب، ولعل مثل هذه المسألة قليلة في الفقه، ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات والقواعد.
والتحقيق أنك قد عرفت في مبحث المعاطاة أن مقتضى القاعدة كفاية كل ما يكون مصداقا للانشاء في مقام انشاء العقد ونحوه، فإن المناط في ذلك صلاحية ما يتحقق به الانشاء لاظهار ما في النفس وابرازه، سواء كان من قبيل الفعل أو من قبيل القول واللفظ، من أفراد ما يظهر به ما في الضمير وينشأ به المعاملة، وإلا فلا خصوصية له إلا إذا قام الدليل على عدم كفاية غير اللفظ في مقام الانشاء كما في الطلاق.
وعليه فكما أنه يكتفي في انشاء العقد بكل ما يصلح أن ينشأ به العقد، وكذلك يكتفي بكل ما يبرز ما في الضمير في اسقاط الخيار.