البيع لا هبة مستقلة كما في الإيضاح وجامع المقاصد (1).
ويرد عليه أنه لا ملزم لذلك، فإنه بعد صحة البيع كما هو المشهور بل المجمع عليه حيث لم يستشكل أحد في هذا البيع، فبأي ملزم يغرم البايع، فهل هنا موجب للضمان والغرامة من اليد والاتلاف، غاية الأمر أن للمشتري مطالبة التفاوت من القيمة المتعارفة، وأما قبل المطالبة فلا شئ للبايع أي الغابن أصلا، لفرض أن المغبون لم يلتفت بالغبن حتى مات، فهل يتوهم أحد أن يكون البايع مشغول الذمة للمشتري المغبون أو يكون البيع باطلا، وكيف كان فلا نعرف وجها للغرامة أصلا.
ومن هنا التزم الفخر والمحقق الثاني وشيخنا الأستاذ بكون المأخوذ هبة مستقلة، لعدم ارتباطه بالمعاملة أصلا.
وعلى الجملة لا نعرف وجها لمنع التمسك بدليل نفي الضرر بشئ من هذين الوجهين اللذين ذكرهما المصنف.
التحقيق في قاعدة لا ضرر والذي ينبغي أن يقال إنه لو جاز التمسك بحديث نفي الضرر فلازمه بطلان العقد لا ثبوت خيار الغبن، وذلك لأن الضرر إنما يلزم من جهة الحكم بصحة العقد واللزوم إنما هو لزوم الضرر، لا أن الضرر يلزم من ناحية اللزوم، ومن الواضح أن دليل نفي الضرر إنما هو ناظر إلى رفع الحكم الضرري فقط ولا يكون ناظرا إلى اثبات الخيار، بدعوى أن الضرر يرتفع برفع اللزوم وثبوت الخيار، فإن حديث لا ضرر لا يتكفل باثبات الحكم وإنما هو يرفع الحكم الضرري، وهو صحة العقد كما عرفت، فيكون العقد باطلا.