وهذا من جملة الثمرات بين كون دليل خيار الغبن هو دليل نفي الضرر أو الشرط الضمني وهذه نعمت الثمرة.
الأمر الثاني: لو كان التفاوت فاحشا وهذا الشرط مما لا ريب فيه، فإنه لا شبهة في تفاوت قيمة الأشياء بحسب الأسواق بل بحسب الدكاكين حتى الشئ الواحد ولو كان مطلق التفاوت موجبا للغبن لم تبق معاملة إلا ويكون فيه الغبن، ولذا قيدوا التفاوت بكونه مما لا يتسامح.
وإنما الكلام في تعيين حد ما يتسامح فيه وما لا يتسامح، فعن بعض العامة أن التفاوت بالثلث مما يتسامح فيه، وأشكل عليه المصنف بأن التفاوت بهذا المقدار مما لا يتسامح فيه قطعا، بل التفاوت بالربع بل بالخمس أيضا مما لا يتسامح فيه، وسكت عن التفاوت بما فوق الخمس.
أقول: الظاهر أن ذلك يختلف باختلاف المعاملات، فإنه قد يكون التفاوت بالخمس مما يتسامح فيه، بل يكون التفاوت بأقل منه أيضا مما يتسامح فيه، كما إذا كانت المعاملة في المحقرات، كأن اشترى خضرة من الخضراوات بخمس أفلس مع أنه يساوي بأربعة أفلس أو ثلاثة ونصف، فإنه لا يعتني على ذلك في العرف، ولا يقال إنه معاملة غبنية، وقد يكون التفاوت بالخمس بل العشر بل المائة غبنا، كما إذا باع ما يساوي أربعة آلاف بخمسة آلاف أو باع ما يساوي مائة مليون بمائة وواحد مليون، فإنه لا شبهة في كون المعاملة حينئذ غبنية، نعم الواحد في ألف لا يكون غبنا قطعا.
وعلى الجملة قد يكون التفاوت غبنا بلا شبهة، وقد لا يكون غبنا