المراد من الخيار المصطلحة ثم إنك قد عرفت أن الخيار في اللغة هو اتخاذ الخير والاصطفاء والانتقاء، وبهذا اللحاظ قد استعمل في جميع الموارد، غاية الأمر أنه تختلف متعلقاته.
فإنه قد يتعلق بالأكل، وقد يتعلق بالشرب، وقد يتعلق بالأعيان الخارجية كاختيار الدار والرفيق والمركوب، وقد يتعلق بالأمور الاعتبارية، وقد يتعلق بفسخ العقد وابقائه، وقد يتعلق برفع سلطنة على الفسخ ويسقط خياره، وعليه فلا خصوصية لمادة الخيار في شئ من موارد الاستعمال.
ولكن المراد من الخيار المصطلحة هو اختيار فسخ العقد أو ابقائه أو اختيار اقرار العقد، فخرج بتعلقه بالفسخ جميع ما يتعلق بغير العقود من الأفعال والأعيان الخارجية، وكذلك خرج به عقد بنت الأخ وبنت الأخت على العمة والخالة، وكذلك جميع العقود الفضولية، فإن في جميع تلك الموارد لم ينتسب إلى المختار شئ حتى يتعلق به الفسخ، ويكون الفسخ فيه متعلقا للخيار.
أما في غير العقود المذكورة فواضح، فإن الخيار فيه ليس إلا اختيار أحد الأمرين الذين هما طرفا الخيار، من الأكل وتركه والشرب وتركه وهكذا، وأما في العقود المذكورة فلأنه وإن ثبت هنا شئ ولكنه لم ينتسب إلى العمة والخالة وإلى المالك، بل مع الإجازة والامضاء ينتسب العقد إليهم، ولكن إذا اختاروا الرد يرفعون ما ثبت بانشاء الغير، لا أنهم يفسخونه، فإنه ليس هنا عقد حتى يتعلق به الفسخ بل ثبت لهم بعد الانتساب إليهم، والفرض أنه لم ينتسب إليهم بعد، فبالرد يرتفع ولا يبقى شئ حتى يفسخ.