ومن هنا ظهر أنه لا وجه لاعتبار العرف والشرع في الغرر والقول بأن الغرر العرفي أخص من الشرعي كما في كلام المصنف، إذ لم يرد في الشريعة ما يرجع إلى الغرر إلا قول النبي (صلى الله عليه وآله): نهي النبي عن بيع الغرر، من دون بيان مفهومه وحقيقته، فلا وجه لأخذ الغرر الشرعي أعم من العرفي بل الغرر عرفي دائما.
نعم ورد اعتبار الكيل والوزن في المكيل والموزون، ولكن لا من جهة نفي الغرر بل لموضوعية المكيل والموزون، حتى لو كان الغرر مرتفعا بوجه آخر فأيضا لا يصح فيهما البيع بدون الكيل والوزن، بأن جعل مثلا الحنطة في أحد كفتي الميزان والشعير في الطرف الآخر مع كون قيمتهما مساوية فرضا، ومع ذلك لا يصح البيع، وكذا أن اعتبار العلم بجنس المبيع ليس من جهة الغرر، بل للاجماع على ذلك.
إلا أن يناقش فيه بأن مدرك المجمعين هو دليل نفي الغرر، وأن اعتبار العلم بجنس المبيع من جهة أن لا يكون البيع غرريا، كما هو واضح.
اشكال الشيخ (رحمه الله) بأن ذكر الأوصاف لا يخرج المبيع عن كونه غرريا ثم ذكر المصنف أنه يمكن الاستشكال في صحة هذا العقد بأن ذكر الأوصاف لا يخرج المبيع عن كونه غرريا، لأن الغرر بدون أخذ الصفات من حيث الجهل بصفات المبيع، فإذا أخذت فيه مقيدا بها صار مشكوك الوجود، لأن العبد المتصف بتلك الصفات مثلا لا يعلم وجوده في الخارج والغرر فيه أعظم.
ثم أجاب أولا، وحاصله ما ذكره في البحث عن بيع الغرر، أنه بمعنى الخطر وهو أمر نفساني يزول بالاطمئنان على وجود المبيع وأوصافه، فإذا وصفه البايع أو شخص آخر ذلك المبيع واطمئن المشتري على