بكون دليله هو دليل نفي الضرر، كما ذهب إليه المشهور من المتأخرين واختاره المصنف، أو قلنا بأن دليله هو الشرط الضمني، فعلى كل حال فلا شبهة في كونه ثابتا من الأول، فإن دليل نفي الضرر ينفي الضرر الواقعي، وكذلك أن شرط الضمني هو اشتراط التساوي الواقعي بين العوضين، أي كون هذا لازم الشرط الضمني كما تقدم، فإن الشرط الضمني هو عدم الزيادة أو عدم النقيصة، أي يشرط كل من المتبايعين على الآخر أن لا يكون ماله زائدا عن مال طرفه بما لا يتسامحه، وهذا واضح، ونعبر عن ذلك بلازمه أعني تساوي القيمتين.
وعلى الجملة فبناء على كون دليل خيار الغبن، أي من هذين الوجهين يثبت الخيار للمغبون من الأول، كما هو واضح.
نعم لو كان دليل خيار الغبن هو الاجماع أو ما تقدمت الإشارة إليه من النبوي، حيث نهى عن تلقي الركبان، وقال (صلى الله عليه وآله): إذا جاؤوا بالسوق فلهم الخيار (1)، بناءا على انصراف ذلك النبوي إلى صورة ظهور الغبن لا اثبات الخيار على وجه الاطلاق بمجرد المجئ إلى السوق، سواء ظهر غبن في المعاملة أم لا، كما ذهب إليه ابن إدريس، الذي هو خلاف منصرف النبوي، فإنه بناءا على ما هو الظاهر من النبوي، من كونهم ذي خيار بعد مجيئهم إلى السوق إذا تبين لهم الغبن لا مطلقا، فإنه لا معنى لثبوت الخيار لهم بعد المجئ إلى السوق تعبدا، وإلا لكان ثابتا من الأول.