وكيف كان فبناء على ظاهر النبوي، فيكون دليلا على ثبوت الخيار من حين تبين الغبن لا من حين العقد.
وكذلك لو كان المدرك هو الاجماع، فإن المتيقن منه هو ثبوت الخيار مع ظهور الغبن.
ولكن يرد على الاجماع أنه ليس بحجة، وعلى النبوي أنه ضعيف السند، إذ لم نجده في كتب الأصحاب المعدة للحديث، وإنما ذكروه في كتب الاستدلال وأخذوه من العامة، ولم ينجبر ضعفه بشئ، إذ لم يثبت كون عملهم على طبقه، وإنما استندوا بغيره من الوجوه المذكورة في المسألة، بل ثبت عدم استنادهم إليه إلا قليل، كما يظهر من ملاحظة كلماتهم.
على أنه يمكن المناقشة في دلالته أيضا، بدعوى أن المراد من ثبوت الخيار بعد المجئ بالسوق هو تبين الغبن كما عرفت، وأن هذا التبين طريق إلى الواقع لا أنه موضوع بنفسه لثبوت الخيار، فحيث إن الغبن من الأول وإن كان تبينه من الآن فيثبت له الخيار من الأول.
وبعبارة أخرى أنا لا نحتمل أن العلم جزء الموضوع لثبوت خيار الغبن، بل تمام الموضوع له إنما هو الغبن لا الغبن المعلوم، فإذا يثبت الخيار للمغبون من الأول، ونظير كون التبين هنا طريقا إلى الواقع كتبين الفجر في شهر رمضان في قوله تعالى: كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر (1)، فإن التبين هنا ليس له موضوعية لحرمة الأكل بحيث لو لم يتبين الفجر لغيم ونحوه إلى أن مضي ساعة من طلوع الشمس فأيضا يجوز الأكل، فهذا غير محتمل قطعا، إذن فيكون التبين طريقا إلى الفجر كما هو واضح، وكذلك في المقام.