وفيه أن المراد من الغبن في المعاملة هو ملاحظة مكان تحققها، فإن كان بيع الحنطة في خارج البلد مع كون التسليم فيه، ومن الواضح أن البايع مغبون فإن قيمة كل من من الحنطة في ذلك المكان دينار فقد باعه بثلاثة أرباع دينار، وإن كان البيع في البلد أو بشرط أن يسلم المبيع في البلد فيكون المشتري مغبونا كما لا يخفى، فلا يلاحظ المكانين في معاملة واحدة كما هو واضح لا يخفى، فافهم.
3 - قد نقل المصنف عن مفتاح الكرامة (1) تصوير كون الغبن من الطرفين بحسب الحكم الظاهري دون الواقعي، كما إذا ادعى كل من المتبايعين الغبن، كما إذا باع ثوبا بفرس بظن المساواة ثم ادعى كل منهما نقص ما في يده عما في يد الآخر، ولم يوجد المقوم ليرجع إليه، فتخالفا فيثبت الغبن لكل منهما فيما وصل إليه، مع أن في الواقع المغبون أحدهما لا كلاهما.
أقول: هذا إنما يبتني على أن كل من يدعي شيئا ويتعسر عليه إقامة البينة فإنه يقبل قوله مع يمينه كما تقدم، وعليه فكل من البايع والمشتري إنما يتعسر عليه إقامة البينة فيقبل قوله مع يمينه فيثبت ما يدعيه من الغبن، ولكن قد عرفت أنه لا دليل عليه خصوصا إذا كانت الدعوى مما يطلع عليه كل أحد، وإنما لم يطلع عليه من جهة العوارض كعدم وجود من يطلع عليهما في مقام البيع ليكون بينة للواقعة، وقلنا في السابق أن الحلف إنما هو للمنكر وليس من وظيفة المدعي الحلف.
وأما بناءا على فساد هذا المبنى، كما هو كذلك، فيكون من يدعي الغبن مدعيا والآخر منكرا فللمدعي البينة وللمنكر اليمين، ومع كون