فلا وجه أصلا لملاحظة الضرر والحرج نوعيا، بل لا أساس له، وإنما هما كبقية القضايا الحقيقية كما هو واضح.
وعليه فلا يفرق بين المعاملات والعبادات أصلا، نعم قد يكون نفس الضرر والحرج موضوعا للحكم أو حكمة للتشريع، كما أن اختلاط المياه حكمة لتشريع العدة (1)، وهو مطلب آخر غير مربوط بنفس لا ضرر ولا حرج اللذين كبقية الأحكام الشرعية كما هو واضح، وهذا كما في قوله (صلى الله عليه وآله): لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك (2)، ولو لم يكن حرج على الأمة لحكم بنجاسة الحديد (3).
أما ملاحظة الضرر بحسب الأحوال في باب الوضوء فهو بنص خاص في باب الوضوء، وأنه لا بد وأن يشتري الماء للوضوء وإن بلغ ما بلغ إلا أن يكون مضرا بحاله بحيث له عيال يموتون جياعا لو أعطى ماله وأخذ ماء للوضوء ويكون الضرر مجحفا عليه، أي لا يبقى له مال يمون به عياله، فباب الوضوء إنما خصص لهذا النص الخاص، ومن هنا يلتزم الفقهاء (رحمهم الله) بذلك في غير باب الوضوء من العبادات، كما إذا صلى في مكان فلأني لسرق السارق ماله، فافهم، هذا.