وقوع البيع لنفسه ليس بمعاوضة بين المالين وإنما هو معاوضة صورية، وإذن فلا سبيل لنا إلى تصحيح بيع الفضولي لنفسه.
ويتوجه عليه أولا: إن الدليل المذكور أخص من المدعي لأنه مختص بالغاصب العامل بغصبية المبيع فلا يجري في الجاهل بغصبيته ولا في الغافل عن ذلك.
وثانيا: إن العلم بالغصبية إنما يمنع عن قصد التبديل بين المالين في نظر الشارع دائما وفي نظر العرف أحيانا، كبيع السرقة والخيانة على رؤوس الأشهاد وبمرأى من الناس ومسمع منهم، لا في نظر المتبائعين، لأنا ذكرنا مرارا أن حقيقة البيع عبارة عن الاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي.
ومن الظاهر أنه يمكن تحقق هذا المعنى بمحض وجود المتبائعين وإن لم يكن في العالم شئ من الشرع وأهل العرف، وأما كونه ممضى للعقلاء والشرع فهو أمر خارج عن حقيقة البيع وإنما هو من الأحكام اللاحقة له.
وعلى هذا فالبايع الغاصب مثلا وإن قصد دخول الثمن في ملكه مع أن المبيع قد خرج عن ملك غيره ولكن الاخلال بذلك لا يوجب الاخلال بحقيقة البيع، لأن قصد حقيقته لما كان مستلزما لقصد دخول أحد العوضين في ملك من خرج الآخر عن ملكه تحققت المعاوضة حقيقة، وإن انضم إلى ذلك قصد وقوعه لنفسه باعتبار تنزيل نفسه منزلة المالك، لأن تعيين المالك الواقعي غير معتبر في مفهوم تحقق حقيقة البيع بل القصد إلى العوض وتعيينه يغني عن القصد إلى المالك وتعيينه.
نعم يعتبر في مفهوم البيع قصد المتبائعين دخول العوض في ملك من خرج المعوض عن ملكه وبالعكس وإلا فلا يصدق عليه البيع، وعليه