فلو اشترط على البايع دخول الثمن في ملك الأجنبي أو اشترط على المشتري دخول المبيع في ملك غيره كان ذلك سببا لبطلان البيع جزما، ضرورة أن الاشتراط المزبور على خلاف مقتضى العقد، وقد تقدم تفصيل ذلك في الجزء الثالث.
والذي يكشف عن صحة ما ذكرناه أنه لو باع أحد متاعا بتخيل أنه سرقة أو خيانة فبان أنه مال نفسه حكم بصحة البيع، وكذلك إذا باع شخص مالا باعتقاد أنه لأبيه فبان أنه لنفسه صح البيع بلا خلاف في ذلك، وأوضح من الكل أنه لو تزوج شخص امرأة بتخيل أنها خامسة أو ذات بعل أو أخت زوجته فبانت أنها ليست بأخت زوجته ولا أنها ذات بعل ولا أنها خامسة بل هي امرأة خلية يجوز تزويجها حكم بصحة الزواج اتفاقا مع أن العاقد لم يقصد هناك إلا الزواج الفاسد.
فتحصل من جميع ما ذكرناه أن قصد البايع الغاصب كون البيع لنفسه لا يؤثر في فساده وهذا ظاهر، وقد أشار المصنف إلى ما ذكرناه بقوله:
إن قصد المعاوضة الحقيقية مبني على جعل الغاصب نفسه مالكا حقيقيا وإن كان هذا الجعل لا حقيقة له لكن المعاوضة المبنية على هذا الأمر الغير الحقيقي حقيقية، نظير المجاز الادعائي في الأصول، نعم لو باع لنفسه من دون بناء على ملكية المثمن ولا اعتقاد له كانت المعاملة باطلة غير واقعة له ولا للمالك لعدم تحقق معنى المعاوضة.
وإذن فلا يتوجه عليه ما ذكره المحقق الإيرواني، وهذا عبارته:
كيف تكون المعاوضة المبنية على أمر غير حقيقي حقيقية وهل يزيد الفرع على أصله، ولعمري إن هذه الدعوى من المصنف (رحمه الله) في غير محلها (1).