في المعاملة ليس بركن فيه لحصول الغرض الأقصى مع إبهامه أيضا في مقام الاثبات.
وعليه فيصح أن يتوجه الموجب إلى القابل ويخاطبه بقوله: بعتك منا من الحنطة، بلا تصريح باسم من تكون الحنطة في ذمته وإنما يصرح باسمه بعد تمامية العقد، أو يقول وهبت هذا المال لمن قصدته ثم يبين الموهوب له، أو يقول زوجتك المرأة المعهودة عندي ويعينها بعد تمامية عقد الزواج، وهكذا الكلام في ناحية القبول.
والوجه في ذلك هو أن حقيقة البيع عبارة عن اعتبار التبديل بين شيئين، وحقيقة الهبة عبارة عن اعتبار ملكية العين الموهوبة للمتهب، وحقيقة الزواج عبارة عن اعتبار عدلية أحد الزوجين للآخر، ولا شبهة في تحقق تلك الحقائق بالصيغ المذكورة، ولا يعتبر فيها معرفة الموجب لمن هو مقصود القابل، ولا معرفة القابل لمن هو مقصود الموجب، بديهة أن خصوصيات الأشخاص وإن كانت دخيلا في الأغراض الشخصية ولكنها غير دخيل في حقيقة العقود ولا في صحتها.
الجهة الثانية: أن يقصد الموجب وقوع العقد لشخص خاص وقصد القابل وقوعه لغيره، والظاهر أنه لا ريب في بطلان ذلك، لأن ما أنشأه الموجب لم يتعلق به القبول وما تعلق به القبول لم ينشئه الموجب، سواء في ذلك أن يكون من له العقد ركنا فيه كالنكاح وما حذا حذوه، وما لم يكن كذلك كالبيع وما تلا تلوه.
والسر في ذلك ما عرفته قريبا من أن العقود عبارة عن الاعتبار النفساني المقرون بالمظهر الخارجي من اللفظ وغيره فبانعدام أحد الأمرين تنعدم حقيقة العقد (1).