فهل يضمن بدله من المثل أو القيمة، أم يجب عليه وقتئذ رد العين المغصوبة بنفسها؟
ومثال ذلك هو أن يغصب خل غيره فصيره خمرا ثم انقلبت الخمر خلا، قد يقال بضمان البدل، بداهة أن المغصوب غير موجود بعينه لانعدامه بزوال صورته النوعية والموجود ثانيا غيره لتخلل العدم بينهما، ومن البين أن المعدوم لا يعاد، وقد يقال بضمان العين نفسها لأن الموجود ثانيا عين الأول في نظر أهل العرف.
والتحقيق أن هنا مسألتين:
إحداهما قبل أداء البدل، والثانية بعد أدائه.
أما المسألة الأولى، فالظاهر أنه يجب على الغاصب أداء العين نفسها، لما ذكرناه مرارا من أن الثابت في الذمة ابتداء إنما هو نفس العين فيجب عليه ردها على مالكها وإذا تلفت العين انتقل الضمان إلى بدلها من المثل أو القيمة.
ومن الظاهر أنه إذا عادت العين ثانيا فثبوت الضمان فيها أولى من ثبوته في بدلها لكونها جامعة لجميع الخصوصيات التي كانت موجودة في العين المغصوبة بداءة، ولا يفرق في ذلك بين كون العائد عين الأول أو غيره.
أما المسألة الثانية، فالظاهر أنها من صغريات ما أسلفناه قريبا، من أن العين إذا تلفت وأعطي الغاصب بدلها للمالك سقط ضمانه بنفس العين علي وجه الاطلاق وإن رجعت ثانيا إلى نظام الوجود.
الوجه في ذلك هو أن أدلة الضمان من السيرة وغيرها قد سقطت كلها بمجرد أداء البدل، وليس هنا دليل آخر يقتضي الضمان بالعين ثانيا.