إلا إذا رضيا بالبدل، فإنه على هذا تتحقق المعاوضة الشرعية بين البدل والمبدل فيكون المدفوع بدلا حقيقيا عن العين.
نعم إذا دل دليل على كونه غرامة لا بدلا عن العين أخذ به نظير دية المقتول، ولكنك قد عرفت المناقشة في الأدلة التي استدل بها على اثبات بدل الحيلولة بعنوان الغرامة.
وقد تجلى لك مما ذكرناه انحلال المناقشة المعروفة التي أوردوها على مسألة تعاقب الأيدي، وحاصل تلك المسألة هو أن المغصوب منه يتخير في أخذ البدل لماله بين الرجوع إلى أي شخص من هؤلاء الغاصبين الذين تعاقبت أيديهم، ولكن إذا رجع إلى الغاصب الأول رجع الأول أيضا إلى الثاني، وهكذا حتى تنتهي سلسلة الغصاب، وتثبت الغرامة على الغاصب الأخير الذي تلفت العين في يده، أما إذا رجع المالك في ذلك إلى الغاصب المتوسط لم يرجع هذا المتوسط إلى الغاصبين السابقين بل يرجع إلى الغصاب اللاحقين، وحاصل تلك المناقشة هو سؤال الفارق بين الصورتين.
وملخص الجواب عنها أن الغاصب الأول إذا أعطى البدل عن العين المغصوبة التالفة ملكها على الغاصب الثاني فيجوز له الرجوع إليه، وإذا رجع المالك إلى الغاصب المتوسط لم يرجع هذا المتوسط إلى سابقه لأنه لا يملك عليه شيئا بل يرجع إلى لاحقه.
ودعوى أن التالف أمر معدوم أو بمنزلة المعدوم فلا يقبل الملكية دعوى جزافية، لأن الملكية من الأمور الاعتبارية فلا محذور في تعلقها بالأمور العدمية مع ترتب الأثر عليه كتعلقها بالأمور الوجودية كذلك وقد ذكر الفقهاء أجوبة أخرى عن تلك المناقشة، ولكن لا يرجع شئ منها إلى معنى محصل يطمئن به القلب وتركن إليه النفس، وسيأتي التعرض لتلك المسألة وأجوبتها.