وعليه فالحاق الصورة الثانية بصورة الاعواز - التي سنتكلم فيها - وجيه جدا.
وعلى الجملة أنه لا يجب شراء المثل مع عزة وجوده، بحيث لا يوجد إلا بأكثر من القيمة السوقية لقاعدة نفي الضرر.
قيل: إن الضرر هنا ليس في متعلق التكليف أعني به أداء المثل، وإنما هو في مقدماته أعني بها شراء المثل بأزيد من القيمة السوقية، ومن الظاهر أن أدلة نفي الضرر لا تشمل مقدمات التكليف، لأن وجوب المقدمة عقلي لا شرعي.
والجواب عن ذلك أن أدلة نفي الضرر مسوقة لرفع التكاليف الضررية، سواء أكان التكليف أصليا أم كان مقدميا، ومن هنا لا نحكم بوجوب الصلاة قائما على من يقدر على القيام ولكن كان النهوض ضرريا، وكذلك لا نحكم بوجوب الحج على من يقدر على الاتيان بمناسك الحج ولكن كانت مقدماته ضررية، وهكذا وهكذا، وليس ذلك كله إلا من ناحية أدلة نفي الضرر، هذا بناءا على وجوب المقدمة شرعا.
أما بناءا على عدم وجوب المقدمة إلا عقلا - كما هو الحق - فالتحقيق أن يقال: إن أدلة نفي الضرر على ما ذكرناه في محله إنما هي تنفي الحكم الناشئ من قبله الضرر.
وإذن فكل حكم ضرري مرتفع في عالم التشريع، سواء أكان الحكم بنفسه ضرريا أم كان الضرر ناشئا من قبله.
وعليه فوجوب المقدمة وإن كان عقليا إلا أنه إذا كان ضرريا كان مشمولا لأدلة نفي الضرر، بداهة أن الضرر هنا إنما نشأ من قبل حكم الشارع بوجوب ذي المقدمة.