اللازمة حتى يورث بالموت ويسقط بالاسقاط ابتداء أو في ضمن المعاملة، بل هو على القول بالملك نظير الرجوع في الهبة، وعلى القول بالإباحة نظير الرجوع في إباحة الطعام - الخ.
أقول: لا شبهة في أن جواز الرجوع في المعاطاة جواز حكمي كجواز الرجوع في الهبة وكجواز الرجوع في إباحة الطعام - كما ذكره المصنف - إلا أن جواز الرجوع في العقود الخيارية أيضا من قبيل الحكم، لما عرفته في البحث عن الحكم والحق، من أنه لا فارق بينهما بحسب الواقع بل الفارق بينهما بحسب الاصطلاح فقط باعتبار أن أي حكم كان رفعه بيد المكلف يسمي حقا وما لا يكون كذلك يسمي حكما، وإلا فالحق أيضا حكم شرعي غايته أنه يقبل الارتفاع باختيار المكلف له، ومن الظاهر أن الجواز في البيع الخياري من هذا القبيل بخلاف الجواز في الهبة، والمتبع في كل مورد هو دلالة الدليل.
ثم إن الجواز في بيع المعاطاة إنما ثبت لخصوص المتعاطيين ولا يثبت لوارثهما، والوجه في ذلك أن العمومات الدالة على لزوم العقد تقتضي لزوم المعاطاة من أول الأمر لكونها عقدا بالحمل الشايع، ولكن الاجماع - على تقدير تسليمه - قد انعقد على جوازها، وبما أنه دليل لبي فلا بد من الأخذ بالمقدار المتيقن منه، ومن المعلوم أن المقدار المتيقن من الاجماع هو ثبوت الجواز في المعاطاة ما دام المتعاطيان باقيين في الحياة، ولا اجماع على الجواز فيما إذا مات أحدهما أو كلاهما، وإذن فتصير المعاطاة لازمة للعمومات المزبورة، وعليه فلا مجال لتوهم انتقاله إلى الوارث بأدلة الإرث.
ولا يفرق في ذلك بين القول بأن المعاطاة تفيد الملكية أو الإباحة، أما على الأول فواضح، أما على الثاني فلأن الإباحة الثابتة هنا ليست إباحة