وما يقال في تعاقب الأيادي بالنسبة إلى الأعيان (1)، لا يأتي بالنسبة إلى المنافع.
وربما يقال: إن المنافع قد يقدر وجودها عرفا فتملك، كما في الإجارة، فكما أن تقدير وجودها مصحح لتمليكها وتملكها، فكذا للاستيلاء عليها عرفا، وعدم الاستيلاء بالدقة العقلية، لا ينافي الاستيلاء عرفا الذي هو المدار هنا (2).
وفيه: مضافا إلى أن تقدير وجود المنافع في العرف والعادة ممنوع، وإنما هو أمر أبداه العلماء; بزعم الامتناع العقلي، وأما في محيط العقلاء فالإجارة وإن كانت بلحاظ المنافع، لكن بلحاظ تحققها في ظرفها، وأنت إذا راجعت العرف لا ترى تقدير وجودها، بل الإجارة بلحاظ المنافع التي ستوجد، والعرف لا يأبى عن مالكية ما هو موجود في ظرفه، فالوجود التقديري الفرضي لا يكون مصححا للإجارة، ولا مرغوبا فيه، بل المصحح والمرغوب هو الوجود الحقيقي في ظرفه، لا التقديري، وتقدير الوجود عبارة أخرى عن الوجود التقديري، ولو فرض الفرق بينهما، فلا شبهة في أن العرف لا يقدرون وجود المنافع، كما يظهر للمراجع إليهم.
أنه على فرض التسليم في باب الإجارة، لكن لا يوجب ذلك تحقق الاستيلاء; لأن الاستيلاء الحقيقي على الموجود المقدر، أو على تقدير الوجود، مما لا معنى له.
مع أن الاستيلاء عليه لا يوجب الضمان; لأنه تابع لليد على الوجود الحقيقي للشيء، لا على وجوده التقديري، والمفروض عدم اليد على الوجود الحقيقي، وبتقدير الوجود لا يصير الوجود الواقعي تحت اليد، وهو واضح.