لفظ «اشتريت» إيجاب لا قبول وأما مثل «اشتريت» الذي مفاده نقل مال الطرف إلى ملكه بإزاء نقل ثمنه إليه، فليس من قبيل القبول، بل هو إيجاب من قبل المشتري; فإن ماهية البيع التي ليست إلا مبادلة مال بمال، كما يمكن إيقاعها بالإيجاب من طرف البائع، يمكن إيقاعها بإيجاب المشتري.
فإذا قال المشتري: «اشتريت هذا بهذا» أو «تملكت هذا بهذا» لم يبق محل لإيجاب البائع، بل لا بد له من قبول هذا الإيقاع، وبقبوله يتم موضوع اعتبار العقلاء; لأن إيجاب البائع بعد قول المشتري، إن كان تمليكا جديدا وتملكا كذلك، فلا يرتبط بإيقاع المشتري، وإن كان إيقاعا لما أوقعه المشتري، فلا يحتاج إليه، بل المحتاج إليه تنفيذ ما أوقعه.
نعم، لو كان المراد من قوله: «تملكت» قبلت تمليكك، كان قبولا، وهو خارج عما فرضه الشيخ الأنصاري، وداخل في القسم الأول.
فما أفاده الشيخ من أن نحو «اشتريت» إذا وقع عقيب الإيجاب، يوجب تحقق المطاوعة ومفهوم القبول (1)، غير مرضي، بل مخالف لما أفاده من أنه أنشأ ملكيته للمبيع بإزاء ماله عوضا، ففي الحقيقة أنشأ المعاوضة كالبائع... إلى أن قال: فليس في حقيقة الاشتراء من حيث هو، معنى القبول (2); فإنه إذا كان كذلك، كيف يتحقق بتأخره معنى المطاوعة؟!
فإذا قال البائع: «نقلت ما لي إليك بالعوض» وقال المشتري: «نقلت مالك