أضف إلى ذلك: سيرة المتشرعة من العلماء والصلحاء وغيرهم، ولم يعهد منهم إجراء الصيغة لدى شراء الخبز واللحم وغيرهما، ولا يكون بناؤهم على صرف الإباحة، بل بناؤهم على الملكية، فلو قيل للمتدين المبالي بالديانة:
«إن ما اشتريت من السوق ليس مالك، بل بقي على ملك السوقي» لتعجب منه، ولرمى القائل بالانحراف والجزاف، فدعوى عدم مبالاتهم (1)، ليست في محلها، بل الظاهر بناء العقلاء بل المتشرعة على اللزوم أيضا.
وبالجملة: لا فرق لديهم بين إنشاء البيع بالصيغة، وبين المعاطاة في شئ من الآثار صحة ولزوما، وليس شئ مما توهم صالحا للردع عن السيرة كما سيأتي بيانه (2).
الدليل الثاني: آية الحل واستدل (3) على المطلوب بقوله: (أحل الله البيع) (4) ولا بد من البحث في مفاده وإطلاقه.
فنقول: الظاهر من صدر الآية وذيلها - أي قوله: (فله ما سلف) على احتمال، وقوله: (يمحق الله الربا) (5) - هو التعرض للربا الحاصل بالمعاملة، لا نفس المعاملة الربوية.