شبهة عدم شمول الآية للمعاطاة ودفعها ثم إن من أراد أن يخرج المعاطاة من العقود - بدعوى أن العقد هو العهد المشدد، وتشديده إنما هو باللفظ (1) - فلا يخلو كلامه إما أن يراد بالتأكيد والتشديد اللزوم مقابل الجواز، فترجع دعواه إلى أن المعاطاة عقد غير لازم، والعقد اللازم ما عقد باللفظ، فدليله عين مدعاه.
وإما أن يراد بالتأكيد والتشديد المعهود منهما، فيقال في جوابه: إن العقد المسببي لا يعقل فيه التأكيد; لأنه مبادلة بين المالين مثلا، وهي دائرة بين الوجود والعدم، لا المؤكد وغيره، والعقد السببي - على فرض كونه عقدا - لا يعقل فيه أيضا التأكيد بما هو سبب; لأن قوله: «بعت هذا بهذا» لا تأكيد فيه بوجه.
ولو قيل: «بعت البتة هذا بهذا» فمضافا إلى عدم وقوع العقود المتعارفة كذلك، لا يفيد من التأكيد شيئا; إذ لا يحصل به شئ غير ما حصل بالأول، فيكون التأكيد لغوا، فلو فرض كون العقد هو العهد المؤكد، لا بد من إخراج مطلق العقود لفظا ومعاطاة عن مفاد (أوفوا بالعقود) وتخصيصه بالعهود القابلة للتأكيد، كالعهد على إتيان عمل; فإنه قابل للتأكيد.
ولو اتفق أحيانا تأكيد بين المتعاقدين على عدم تخلفهما عن مقتضى العقد، فهو خارج عن عنوان «العقد» لا تأكيد لمضمونه، كما هو واضح.