فاتضح مما مر: عدم دليل كافل لتمام مضمون قاعدة «كل عقد يضمن...» إلى آخره، حتى قاعدة اليد، ففي مثل المنافع الفائتة في غير يد القابض، والعمل الصادر من الأجير من غير تسبيب من المستأجر، لا دليل على ضمانهما.
عدم الفرق في الضمان بين صورتي العلم والجهل ثم إن التحقيق عدم الفرق بين علمهما بالفساد، وجهلهما، أو علم أحدهما.
وقد يقال: إنه مع دفع المالك ماله إلى الطرف، عالما بفساد المعاملة شرعا، أو شاكا في صحتها، يكون دفعه كاشفا عن عدم ارتباط رضاه بالصحة شرعا، بل هو كاشف عن رضاه بكون ماله في يد صاحبه، مع ما هو عليه من عدم الاستحقاق شرعا، فيكون أمانة مالكية في يده، لا يضمنه لو تلف.
بل مع كونه معتقدا بالصحة لو لم يكن اعتقادها قيدا مقوما، بل كان داعيا أو مقارنا، يكون حكمه كما ذكر (1).
وفيه: أن مفروض المسألة هو المقبوض بالبيع الفاسد، فحينئذ لو كانت المعاملة عقلائية، والفساد من ناحية إخلال شرط شرعي، فلا إشكال في أن العقد في محيط العقلاء كان صحيحا، يترتب عليه الأثر عرفا، من غير فرق بينه وبين الصحيح شرعا، كما ترى أن بيع الخمر، والخنزير، وآلات اللهو، من البيوع العقلائية، من غير نظر منهم في ذلك إلى اعتبار الشرط الشرعي.
فعليه لا شبهة في أن الرضا الحاصل في إيقاعه رضى بالعقد فقط، بل لا معنى لكونه راضيا بالتصرف; فإنه من قبيل الرضا بتصرف الغير في مال نفسه، الذي هو غير مربوط به، وبالجملة: الرضا العقدي لا يفيد شيئا.