فوجوبه في المعاطاة الحاصلة بالتعاطي لا موضوع له.
نعم: فيما حصلت بإعطاء الثمن وأخذه كما في السلم، أو بإعطاء السلعة وأخذها، كما في النسيئة - وبالجملة في كل مورد أنشئ العقد بالأخذ والإعطاء في أحد العوضين - يكون وفاؤه متصورا في غير المأخوذ.
وأما إن قلنا بعدم اختصاصه به، حتى يشمل الرجوع إلى ما أعطاه، فيأتي وجوب الوفاء في المعاطاة الحاصلة بالتعاطي أيضا، فمن أعطى ثم استرجع، لم يف بعقده.
وليس المراد بالاسترجاع مطلق أخذ ما أعطى، بل المراد أخذه بعنوان إرجاع ما أعطى، فالإيفاء به العمل بمقتضاه وافيا، والمحافظة عليه، فمن لم يسلم السلعة - كمن سلمها ثم استرجعها - غير موف به، ولا محافظ عليه.
اعتراضات المحقق النراقي والجواب عنها ثم إنه قد يستشكل في عموم الآية:
تارة: بأن مسبوقيتها بما علم من الشارع وجوب الوفاء به - كطائفة من العقود التي بين الله وبين خلقه، كالإيمان به، وبكتبه، ورسله، وكالصلاة، والزكاة، وغيرهما، وكبعض العقود التي بين الناس، كالبيع، والنكاح، وغيرهما - مانعة عن الأخذ بأصالة العموم; لأنها بمنزلة القرينة، أو ما يصلح للقرينية، فيظن أن يراد بها العقود المعهودة; لأن المائدة على ما قاله المفسرون، أخيرة السور النازلة في أواخر عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (1).