اعتبار انتقال العوضين في صدق البيع بقي شئ وهو أنه هل يعتبر في صدق «البيع» أن يكون العوضان منتقلين إلى الطرف بنحو من الانتقال; أي في الملكية، أو السلطنة، أو الحق، أو لا يعتبر ذلك، فيصح جعل نفس السقوط عوضا أو معوضا؟
قال البعض: يكفي في طرف العوض كل ما يصلح للعوضية وإن لم يكن على وجه النقل، كما في الإجارة بالنسبة إلى المعوض، فإنه لا إشكال في صحة إجارته ليعمل عملا للغير، أو لكنس المسجد، أو نحو ذلك مما لا ينتقل العمل فيه إلى المستأجر، بل يملك عليه أن يعمل ذلك للغير (1).
ثم قال في مورد آخر: ليس المراد بعوضية الإسقاط كون التمليك بإزاء العمل، بل المراد أن يكون العوض هو الدين مثلا على وجه الإسقاط، فلو قال:
«بعتك هذا بدينك علي; بأن يكون ساقطا» كفى; لصدق «البيع» عليه، فتشمله العمومات، وكذا الحق الذي لا يقبل إلا الإسقاط (2). انتهى.
أقول: أما الإجارة فلم يتجه قياسها بالمقام، بعد الاعتراف بأن المستأجر يملك على المؤجر العمل للغير وللمسجد; فإن المعوض فيها على وجه النقل بلا شبهة، لأن المنقول هو العمل للغير أو المسجد، والمنقول إليه المستأجر.
وأما دعوى عدم اعتبار النقل في العوض، فيصح جعله سقوط الحق أو الدين، فغير وجيهة; لأن البيع عرفا متقوم بالنقل، فالإعراض مقابل الإعراض، والتمليك مقابل الإعراض، لا بنحو يكون ذلك المعنى المصدري على عهدته،