بناء العقلاء مقيد لدليل السلطنة ثم إن بناء العقلاء في باب الضمانات والغرامات، لو كان عدم الإلزام بالمثل لدى تعذره عرفا; بأن لا يوجد إلا نادرا يلحق بالمعدوم، أو في البلاد النائية، فهل يوجب ذلك تقييد دليل السلطنة، أو أن دليلها رادع لبنائهم; بدعوى أن بناءهم ليس بحجة إلا مع الإمضاء وعدم الردع، وإطلاق دليل السلطنة رادع، كما قال بعض أهل التدقيق (1)؟
ويمكن أن يقال: إن سلطنة الناس على أموا لهم لما كانت عقلائية، لا يفهم من دليلها إلا ما هو المرتكز عندهم، والارتكاز العقلائي قرينة على أنه يراد منه ما هو المرتكز عندهم.
وإن شئت قلت: إنه منصرف إلى ما هو المرتكز، ولا إطلاق له بالنسبة إلى غيره، فكانت النتيجة عدم صلاحيته للرادعية; فإن العقلاء مع قولهم بسلطنة الناس على أموا لهم، بناؤهم على عدم إلزام الضامن بالمثل عند التعذر، وإذا كان دليل السلطنة على طبق حكم العقلاء، فلا محالة لا يشمل مثل المقام، فتدبر.
نعم، يمكن القول: برادعية مثل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يحل مال امرئ...» إلى آخره; لأن عدم الحلية التكليفية، شرعية لا عقلائية، ومعه لا مانع من رادعيته، ولا يأتي فيه ما قلناه في دليل السلطنة.