نقد القول بانقلاب المثل عند إعوازه إلى القيمة الأول: قد عرفت أنه لا دليل على انقلاب المثل عند إعوازه إلى القيمة.
وربما يقال: إنه لو استندنا في لزوم القيمة إلى قوله تعالى: (فاعتدوا عليه...) (1) إلى آخره، وإلى أن المتبادر من إطلاق «الضمان» هو وجوب الرجوع إلى ما هو الأقرب إلى التالف بعد تعذر المثل، توجه القول بصيرورة التالف قيميا بمجرد تعذر المثل; إذ لا فرق في تعذره بين الابتدائي كما في القيميات، وبين الطارئ بعد التمكن، كما فيما نحن فيه، ودعوى اختصاص الآية وإطلاقات الضمان - في الحكم بالقيمة - بتعذر المثل ابتداء لا تخلو من تحكم.
هكذا أفاد الشيخ الأعظم (قدس سره) (2)، وتبعه في الجملة بعضهم (3).
وفيه: أنه لو استندنا إلى الآية نظير استناد شيخ الطائفة (قدس سره) (4)، وقلنا بأن مماثل ما اعتداء هو المثل في المثلي، والقيمة في غيره، فتدل على ضمان المثل في المثلي، سواء أعوز ابتداء، أم طرأ عليه; فإن الإعواز لا يوجب خروج الشئ من المثلي إلى القيمي، لأن الميزان في القيمي ليس عدم وجود المثل له في الخارج اتفاقا، بل بعض الأشياء بحسب الخلقة الأصلية، أو بحسب الصناعة، مثلي ولو أعوز مثله، وبعضها قيمي كذلك ولو وجد له مثل نادرا، فالحنطة مثلية بحسب الخلقة ولو فرض عروض الإعواز والقحط حال وقوع اليد عليها أو بعده.