فيه خلط; لأن باب الكنايات ليس من قبيل إنشاء اللازم أو الإخبار به، بل من قبيل إنشاء الملزوم والإخبار به، فقوله: «خذ هذا الثوب وأعطني درهما عوضه» إنشاء بيع كناية لا غير.
الفرق بين المعاني الكنائية والالتزامية وما ذكرناه هو الفارق بين المعاني الكنائية، والمعاني الالتزامية; لأن في باب الدلالات الالتزامية يقع الإخبار حقيقة عن الملزوم، ويكون الملزوم والمعنى المطابقي دالا على اللازم والمعنى الالتزامي.
فلو قال: «طلعت الشمس» لا يكون مخبرا إلا عن طلوعها، ويدل طلوعها على وجود النهار وذهاب الليل، لا بالدلالة اللفظية، بل بدلالة المعنى على المعنى، ويكون الانتساب إلى اللفظ بالوسط.
ولهذا يكون مناط الصدق والكذب في هذا الإخبار طلوع الشمس وعدم طلوعها، دون لوازم خبره، وما قال القائل إلا كذبا واحدا أو صدقا واحدا، ولو كان داعيه من الإخبار إفهام لازمه; لأن الانتقال إلى اللازم انتقال إليه من المعنى الملزوم المخبر به جدا.
وأما الكنايات فليست بتلك المثابة، بل الألفاظ مستعملة في معانيها بالاستعمال الصوري آلة للإخبار بالمعنى الكنائي أو إنشائه، فقول القائل: «فلان يده مبسوطة، وبابه مفتوح» كناية عن جوده وكثرة زائريه، ليس إخبارا حقيقة إلا عن جوده وكثرة وارديه، دون بسط يده وفتح بابه، ولعل الممدوح لا يد له، ولا باب، ومع ذلك يكون الإخبار صحيحا.
ومما ذكرناه يظهر: أن إيجاد المعنى المكنى عنه بالكناية، ليس ضعيف