المعيوب يكون صاحب البغل منكرا; لأنه يريد أن يجلب النفع إلى نفسه، فينكر زيادة قيمة المعيب، بخلاف صاحبه، فإنه يريد دفع الضرر عن نفسه، فيدعي زيادة قيمته.
فمع كون قيمة الصحيح خمسين، فإن كانت قيمة المعيب عشرين، يكون التفاوت ثلاثين، وإن كانت ثلاثين يكون التفاوت عشرين، فالضامن يدعي الثلاثين، وصاحب البغل ينكره، فالقول قوله، فيحلف أو يرد الحلف إلى صاحبه.
الفقرة الثانية المتوهم دلالتها على ضمان قيمة يوم التلف وأما قوله (عليه السلام): «أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل يوم اكتري كذا وكذا» صريح في أن اختلافهما راجع إلى قيمته حال الصحة، دون حال العيب، وإن كان الاختلاف لتشخيص ما به التفاوت بينهما، ومن المعلوم أن في هذا الاختلاف يكون القول قول الضامن، وصاحب البغل مدع للزيادة.
وبالجملة: ظاهر الجملة الأولى هو الاختلاف في قيمة المعيب، فيتوجه الحلف إلى صاحب البغل، وصريح الجملة الثانية أن الاختلاف بينهما في قيمة الصحيح; لأن يوم الكراء يوم صحة البغل، والاختلاف في قيمة الصحيح لتشخيص ما به التفاوت، فيكون صاحب البغل مدعيا، والضامن منكرا، فالرواية متعرضة لصورتين من صور الدعوى بحسب الظهور والصراحة، وموافقة للقاعدة، ويستفاد منها الصورة الثالثة.
وما ذكرناه وإن كان مخالفا للظاهر في الجملة; أي الظهور في وحدة القضية، لكن ليس ذلك الظهور بمثابة أمكن معه رفع اليد عن القواعد المسلمة، سيما مع الاحتمال الذي ذكرناه بالتقريب المتقدم.