هل العموم باعتبار الأنواع أو الأصناف أو الأفراد؟
وعلى أي حال: فالظاهر من قوله: «كل عقد...» هو العموم الأفرادي، كالأشباه والنظائر، وظاهر ذيلها كون العقد ذا فرد صحيح وفاسد فعلا، فلو أخذنا بظهور الصدر، لا بد من التصرف في الذيل; بحمله على الفرض والتقدير، وهو خلاف الظاهر جدا، فالأولى رفع اليد عن ظهور الصدر في العموم الأفرادي.
لكن لم يتضح رجحان الحمل على الصنف عند دوران الأمر بينه وبين النوع، مع أن الارتكاز العرفي وشيوع الاستعمال، يقتضيان الحمل على النوع، ولهذا قد يحتمل في قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) (1) وجوب الوفاء بأنواعها، في قبال من قال: بظهوره في الأفراد (2) ولم أر احتمال الصنف في كلماتهم.
وبالجملة: إن العقود بحسب المتعارف تارة يراد بها الأفراد، وهو الظاهر ابتداء، ومع قيام قرينة على عدم إرادتها تحمل لدى العرف على الأنواع، والحمل على الأصناف يحتاج إلى دليل، ولم يتضح وجه جزم الشيخ (قدس سره) بذلك (3) مع كونه بصدد بيان نفس القاعدة لا مدركها.
والظاهر منها أن الصلح مثلا لما لم يكن بنفسه موجبا للضمان، لا يدخل في أصل القاعدة ولو اقتضى صنف منه ذلك، وكذا الهبة، والبيع لما كان بنفسه موجبا للضمان، ففاسده موجب له، ولو فرض أن بعض أصنافه ولو بواسطة الشرط لا يوجبه.