ذلك قرينة عقلائية - أن التخلف عن العهود والعقود قبيح لدى العقلاء أيضا، والعمل بمقتضاها لازم، وبعض العقود الجائزة لديهم كالوكالة والعارية سنخها مناسب للجواز، ولعل سنخها خارج عن سنخ المعاقدة والمعاهدة، لا تخصيص في أمر قبيح.
نعم، لا يبعد أن يكون ذلك الارتكاز العقلائي موجبا لترجيح الاحتمال الثاني من الاحتمالات المتقدمة، كما أشرنا إليه (1)، واختصاص المؤمن والمسلم بالذكر، لا يدل على الترجيح الاستحبابي لو لم يكن مشعرا بالوجوب.
تقرير اللزوم بناء على كون مقتضى الوفاء بالعقود إبقاؤها هذا كله بناء على ما هو التحقيق; من أن مقتضى العقود العمل بها أخذا، وإعطاء، وتسليما.
وأما لو قلنا بأن مقتضاها هو إبقاؤها وعدم فسخها، فيمكن أن يقرر اللزوم بأن يقال: إن عقد المعاطاة مثلا لو كان جائزا بحسب بناء العقلاء، لم يكن مانع من إلزام الوفاء به وإيجابه، وكان إيجاب الوفاء وتحريم الهدم دالين على بقائه على جوازه شرعا; للزوم كون متعلق التكليف مقدورا للمكلف، ولا منافاة بين الحكم الوضعي - أي نفوذ الفسخ - وحرمته.
وأما لو كان لازما لديهم، فلا بد من جعله جائزا شرعا حتى يصح التكليف به; فيرجع الأمر إلى أن الشارع جعل المعاطاة اللازمة جائزة، ثم جعل فسخها محرما، فأقدر المكلف على التخلف، ثم أوجب الوفاء، وهو مما لا تقبله الأذهان