حول صدق البيع على القسم الثاني ثم قال الشيخ الأعظم (قدس سره) في ذيل كلامه: «إن التمليك بإزاء التمليك بعيد عن معنى البيع، وقريب إلى الهبة المعوضة.
ثم قال: فالأولى أن يقال: إنها مصالحة وتسالم على أمر معين، أو معاوضة مستقلة» (1). انتهى.
أقول: بل هو بيع; لما مر (2) من أن التمليك مال يبذل بإزائه المال، لتعلق غرض العقلاء به، وأن المبادلة بينهما مبادلة بين المالين، وقد مر فيما سلف (3) عدم اعتبار كون المعوض من الأعيان، ضرورة صدق مفهوم «البيع» - عرفا ولغة - على بيع الحقوق والأعمال ونحوهما، ومجرد عدم التعارف لا يوجب انصراف الأدلة أو عدم شمولها له، وما هو المعتبر في المعاملات كون كيفية إيقاعها متعارفة لدى العقلاء، فلا يصح إيقاع البيع بلفظ الإجارة، أو إيقاع المعاطاة بالعطاس مثلا.
وأما تعارف المتعلقات فغير معتبر، فإذا تعلق غرض صنف - بل أو شخص - بشئ، فبذل بإزائه المال واشتراه بالمال، صدق عليه عنوان «البيع» وإن لم يكن متعلق الغرض مالا متعارفا، كما لو تعلق الغرض بدفع العقارب عن بيته، واشترى كل عقرب بعشرة دنانير، وكان غرضه الاشتراء لإفنائها، فإن ذلك بيع عرفا ولغة، فلا ينبغي الإشكال في كون مبادلة التمليك بالتمليك بيعا، لا صلحا، ولا هبة، ولا معاملة مستقلة.