ولا شبهة في أن الدين اعتبر على العهدة والذمة، ومع ذلك فهو قابل للتحقق الخارجي; وذلك لأن الاعتبار فيه على النحو الثالث، وعدم كون الذمة والعهدة إلا مخزن الأمر الاعتباري، لا قيده ليمتنع معه تحققه، فكما يقال: «إن فلانا أدى دينه وما في ذمته، فبرأ منه» ولا يكون من قبيل التهاتر ونحوه بالضرورة، فكذا في المقام تقع المعاملة على الدين; أي الحنطة التي في الذمة، لا على حنطة كلية بلا علامة، ولا على الحنطة المتقيدة بكونها في الذمة.
والإنصاف: أن الخروج عن الاعتبارات العقلائية - التي هي محط هذه المباحث - إلى العقليات الأجنبية منها، يوقع الفقيه فيما لا ينبغي لشأنه.
حول إنكار المحقق النائيني قابلية الحق للعوضية ثم إنه (رحمه الله) أنكر قابلية الحق للعوضية، بعد تسليم كونه قابلا للنقل، واستدل عليه: بأنه يعتبر في البيع أن يكون كل من الثمن والمثمن داخلا في ملك مالك الآخر، ولا شبهة في أن الحق لا يكون قابلا لذلك; فإنه مباين للملك سنخا وإن كان من أنحاء السلطنة بالمعنى الأعم، ومن المراتب الضعيفة للملك، ولكن كونه كذلك غير كاف لوقوعه عوضا; لأنه لا بد من حلول الثمن محل المثمن في الملكية، فلا بد أن يكون كل منهما من سنخ الآخر (1).
وفيه: - مضافا إلى التناقض بين الاعتراف بكونه من المراتب الضعيفة للملك، مع دعوى مباينتهما سنخا; ضرورة عدم التباين السنخي بين مراتب شئ واحد، ومضافا إلى عدم صحة دعوى كونه من أنحاء السلطنة وكونه من مراتب