وأنه ينسخ أو لا، وإن كان الجعل والمجعول من قبيل الايجاد والوجود ولكن بينهما فرق من جهة، وهي أن الجاعل يمكن أن يجعل الحكم عاما أو مطلقا، ومع ذلك لا يكون جعله مطلقا فلا أقل إنه بالنسبة إلى النسخ فإن الجعل لا يتعرض ببقائه ولو من حيث نسخه.
هذا كله فيما إذا كان الاستمرار مفهما من نفس الحكم بحيث يكون الحكم واردا على الاستمرار كما عرفت، وأما إذا كان الاستمرار واردا على الحكم ويكون مفهوما من دليل خارجي، كما إذا كان دليل الحكم بالنسبة إلى الاستمرار مهملا وغير مقيد بالاستمرار وعدمه، ولكن استفدنا من الخارج كونه مستمرا، فإنه حينئذ يجوز التمسك بالاستصحاب بعد التخصيص في بعض الصور.
مثلا إذا ورد أن من استولى على شئ فهو له، أو من حاز ملك، ورد تخصيص على ذلك من الأول، بأن قال إلا الصبي مثلا، بأن اعتبر في التملك بالاستيلاء أو الحيازة البلوغ وأن غير البالغ لا يملك بالحيازة، وحينئذ إذا شككنا في أنه يملك بعد بلوغه ما حازه في الصباوة أو لا، فلا بد من التمسك باستصحاب حكم المخصص، فإن نفس الدليل الدال على الحكم ليس له عموم أو اطلاق كما هو المفروض، وأما الدليل الآخر الدال على الاستمرار إنما يدل على استمرار الحكم الثابت، ولكن لا يمكن أن يتكفل الدليل الخارجي الدال على اعتبار الاستمرار باثبات الحكم، لأن الحكم مأخوذ في موضوع ما يدل على الاستمرار، فالحكم أعني الاستمرار لا يعقل أن يتكفل بموضوعه كما هو واضح.
وعلى الجملة فإذا كان الاستمرار مستفادا من دليل خارجي وكان التخصيص واردا من الأول ثم شككنا في كون الخارج دائما أو موقتا لا يمكن التمسك بالعام أو المطلق.