يقتضي دوران الحكم مدار الضرر وجودا وعدما، فما دام هو موجود فيكون الخيار ثابتا وإلا فيرتفع بارتفاعه، سواء كان الارتفاع قبل العلم به أو بعده ما لم يرد العقد ولم يعمل خياره، وهو واضح فيما ذكره المصنف في بيع الصرف والسلم مما اعتبر القبض في حصول الملكية، إذ لم يحصل الملك حتى يتحقق الضرر ويوجب ذلك شمول دليل الضرر عليه كما هو واضح، إلا على ما ذكره العلامة من وجوب الاقباض وهو كما تري.
وأما إذا كان المدرك لخيار الغبن هو الشرط الضمني، كما هو الموافق للتحقيق فلا بد حينئذ وأن يلاحظ أن الشرط الذي اشترط في ضمن العقد أعني تساوي القيمتين أي مقدار من التساوي من حيث الزمان، فهل المراد منه التفاوت الموجب للخيار هو التفاوت المستمر، أي يكون العوضين متفاوتين في عمود الزمان وطوله بحيث لو حصل التساوي في آن من الآنات لسقط الخيار، أو المراد منه هو التفاوت حال القبض بحيث لا اعتبار بالتفاوت قبله أو بعده، أو المراد من التفاوت الموجب لسقوط الخيار هو التفاوت حال العقد كما هو الظاهر.
إن كان المراد من التفاوت الموجب لسقوط الخيار هو الشق الأول فلا شبهة في سقوط الخيار في أي زمان حصل التساوي بين العوضين من حيث القيمة، لحصول الشرط الذي هو تساوي القيمتين في أي وقت من الأوقات في عمود الزمان وطوله وهو واضح.
وبعبارة أخرى أن المتعاقدين إنما اشترطا التساوي بين العوضين في المالية في أي وقت من الأوقات، بحيث لو حصل ذلك وتحقق حال البيع وبعده من أي وقت كان حصل الشرط وكفي ذلك في صحة المعاملة، وأما لو لم يحصل ذلك بل كان التفاوت بين العوضين مستمرا إلى الأبد فهو يوجب الخيار كما هو واضح.