واعدامه لكانت التصرفات الواقعة بعد الفسخ محرمة، فتدل الآية بالملازمة على لزوم البيع وعدم انفساخه بالفسخ.
وبهذا يظهر دلالة آية التجارة عن تراض، أعني قطعة المستثنى، فإنها تدل بالمطابقة على حلية الأكل بالتجارة عن تراض مطلقا، وبعبارة أخرى أنها ظاهرة في أن التجارة عن تراض سبب لحلية التصرف بقول مطلق حتى بعد الفسخ من أحدهما من دون رضى الآخر.
ثم أشكل على الآيتين بأن الفسخ رافع للحلية فلا يكون الحكم شاملا باطلاقه لرفع نفسه.
وأوضحه شيخنا الأستاذ بأن الحكم إنما له اطلاق بالنسبة إلى حالات الموضوع وقيوداته، وأما حالات نفس الحكم فضلا عن رافعه فلا اطلاق له بالنسبة إليها، فإنه لا يعقل أن يؤخذ الحكم مطلقا بالنسبة إلى حالة نفسه وروافعه.
ثم فرق بين هاتين الآيتين وبين آية أوفوا، بدعوى أن موضوع الوفاء في آية أوفوا هو العقد بمعنى المصدري فهو قطعي الوقوع، فلا يكون مشكوكا بالفسخ وإنما المشكوك بعد تحقق الفسخ هو العقد بمعنى الاسم المصدري.
فتدل الآية على حلية التصرفات المترتبة على العقد بمعنى المصدري مطلقا حتى بعد الفسخ، كما هو مبنى استدلال المصنف، فشك في رافعية الفسخ العقدة لئلا يجوز التصرفات بعد الفسخ، فنتمسك باطلاق الآية ونحكم بعدم تأثير الفسخ بوجه، فليس الفسخ رافعا لنفس الحلية حتى لا يمكن التمسك باطلاق، فتدل الآية على اللزوم بالالتزام كما هو واضح، وهذا بخلاف الآيتين كما عرفت الحال فيهما.