حرمة التصرف أصلا، حتى لو لم يكن دليل على حرمة التصرف في مال غيره لم يظهر ذلك من الآية، ولجاز أن يبيع أحد أمواله ثم يتصرف فيها تصرفا خارجيا، وهذا واضح جدا.
2 - لو سلمنا كون التصرف نقضا للعقد فلماذا يحرم التصرف بعد ذلك التصرف الأولى، فإن لازمه جواز التصرف الثاني، والوجه فيه هو الموجود في مقام البيع والنكاح والإجارة وغيرها من العقود هو الأمر الوجداني المستمر، فإذا انقطع ذلك في آن فيرتفع العقد بارتفاع الاستمرار وبعده لا يبقى موضوع لوجوب الوفاء أصلا.
نعم لو كان هنا أمور متعددة والتزامات وعقود متكثرة حسب تعدد الآنات والساعات والأيام، كان هنا أيضا وجوب متعدد منحل إلى الأزمنة المتعددة، فلا يكون عدم الوفاء بواحد موجبا لرفع الحكم عن الآخر، ولكنه بديهي البطلان، فإنما نحن فيه نظير النذر أو العهد أو اليمين على القعود في مكان من أول الصبح إلى المغرب، فإذا تخلف آنا واحدا ولم يجلس فيه فيرتفع وجوب النذر ولا يجب بعده الجلوس في ذلك المكان، ويترتب عليه حكم مخالفة النذر والعهد واليمين.
وليس المقام من قبيل النذر على ايجاد أمور عديدة، بحيث لا يستلزم الخلف في واحد الخلف في الآخر، كأن ينذر أن يزور الحسين (عليه السلام) في كل ليلة الجمعة، ولكن تخلف ولم يزر ليلة واحدة، فإنه لا يوجب الحنث في الليالي الأخر أيضا، بل النذر في مثل هذا ينحل إلى نذور متعددة ويترتب على كل واحد منها حكمه.
والتحقيق هو ما ذكرناه في بحث المعاطاة، من أن الوفاء عبارة عن انتهاء الشئ واتمامه، ومنه الدرهم الوافي أي التمام، فالمراد من الأمر بالوفاء عبارة عن الأمر بالتمام العقد الذي عبارة عن المعاقدة والمعاهدة،