فهو متين جدا، فإن التفرق حاصل تكوينا فلا يمكن أن بعد ذلك غاية للخيار، فإن الشئ لا ينقلب عما هو عليه.
والحاصل أنه لا يمكن القول بأن المناط هو التفرق عن مجلس زوال الاكراه في سقوط خيار المجلس، فإنه كما ذكر المصنف لم يدل دليل على تنزيل مجلس الزوال منزلة مجلس العقد ولا على بقاء التفرق، وأن الحاصل منه كعدم بحيث يلاحظ ذلك جديدا بعد زوال الاكراه، فإنه كما عرفت قد حصل التفرق حسا فلا يمكن أن يكون ذلك غاية للخيار بعد.
ولكن ما ذكره من جعل الأمر دائرا مدار فورية الخيار للتمسك بعموم أدلة اللزوم، فإنه يقتصر فيما لم يدل دليل خاص على ثبوت الخيار على المتيقن وهو الفور، وأما من الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص والحكم بثبوت الخيار على الدوام، ووجه الضعف هو أنا نحكم بثبوت الخيار هنا تمسكا بعموم أدلة الخيار، ولا يسقط ذلك إلا بمسقط آخر غير التفرق، فإن التفرق الحاصل بالاكراه لا يكون غاية لسقوطه، فإنه لم يكن بما هو تفرق غاية لسقوط الخيار، بل الغاية إنما هو التفرق المقيد بعدم الكره، بناءا على أن دليل الدال على اعتبار الاختيار هو دليل رفع الاكراه والمقيد بقيد وجودي وهو الرضا، بناء على أن دليل اعتبار الاكراه هو صحيحة الفضيل أو انصراف الفعل إلى الفعل الصادر من الفاعل المختار.
فالحاصل على كل تقدير هو التفرق، وهو بنفسه ليس غاية، وما هو غاية أعني التفرق المقيد فلم تحصل، فيكون المورد مشمولا لأدلة الخيار، فتكون أدلة الخيار دالا على ثبوته من غير أن يكون مغيا بغاية، إذ الغاية كما عرفت هو التفرق المقيد بأحد القيدين المذكورين، ومن الواضح أنه حصل بغير ذلك القيد، فلا يمكن أن يحصل بعد ذلك، فتكون دالة على بقاء الخيار إلى الأبد ما لم يطرء عليه مسقط آخر غير التفرق.