كما أشرنا إلى هاتين الطائفتين في مطاوي ما ذكرناه، ولا فرق بين هاتين الطائفتين، فإن قوله (عليه السلام): حتى يفترقا، أيضا راجع إلى القيد العدمي من حيث المفهوم، فإن مفهوم حتى يفترقا أن عدم الافتراق شرط في ثبوت الخيار، فتكون كلتا الطائفتين ناظرتين إلى اشتراط الموضوع بعدم الافتراق وقهرا يكون الحكم أيضا مقيدا بذلك.
ثم إن التقابل بين الافتراق وعدم الافتراق وإن كان هو الايجاب والسلب كما هو الشأن في كل عدم مضاف إلى شئ وبدله، وليسا هما كتقابل الافتراق والاجتماع، فإنهما إنما يكونان في موضوع قابل فيكون التقابل بينهما هو العدم والملكة، فالتقابل المستفاد من الأخبار الواقع بين الافتراق وعدمه فيكون من تقابل السلب والايجاب.
ولكن المتفاهم من القضية السالبة بحسب العرف هو أن الانتفاء إنما هو بحسب المحمول وإن كانت صادقة في نظر العقل بانتفاء الموضوع أيضا، فإنه إذا قيل: إن فلانا ليس بوسيع الدار، أو ليست زوجته جميلة، أوليس له ابن، يفهم أهل العرف أن له دار غير وسيعة، وأن له زوجة غير جميلة، وأن له زوجة وليس له ابن، لا أنه ليس له هذه الأمور أصلا، وإن كان ذلك أيضا صادقا، وعليه فيكون التقابل بين الافتراق ومقابله من العدم والملكة.
وعلى هذا فكلمة عدم الافتراق إنما تحقق وتصدق في مورد يكون قابلا للافتراق، ولكن لم يتحقق الافتراق لكي يكون السلب بانتفاء المحمول، كما هو مقتضى الفهم العرفي حينئذ، فيكون السلب مساوقا لثبوت الخيار للمتبايعين مع عدم التفرق في موضوع قابل للتفرق، ولو عممنا السلب إلى السلب بانتفاء الموضوع لثبت الخيار بمقتضى الأخبار في صورة السلب بانتفاء الموضوع أيضا، بحيث يكون التقابل حينئذ بين