لكن إطلاق كلام الشيخ يقتضي الحكم بوجوب القيمة مع التعذر، ولو إلى أمد قريب.
ثم إنه لم يتضح مراده من الجمع بين الحقين; إذ ليس للضامن حق، ضرورة أن كون الإلزام منفيا بالتعذر، غير ثبوت الحق، وفي طرف المالك أيضا محل إشكال; إذ ليس له حق المطالبة فعلا مع تعذره، وحق مطالبة القيمة غير ثابت مع كون الذمة مشغولة بالمثل فقط.
ومنها: ما أفاده أيضا، وهو التمسك بقوله تعالى: (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (1) فإن الضامن إذا ألزم بالقيمة مع تعذر المثل، لم يعتد عليه أزيد مما اعتدى (2).
وفيه: - مضافا إلى ما تقدم; من أن الآية بما أنها راجعة إلى الاعتداء في الحرب، لا يمكن استفادة المثلية منها بالمعنى المنظور ولو قلنا: بأنها كبرى كلية (3)، فراجع - أن الظاهر منها مع الغض عما ذكر، أن الاعتداء لا بد وأن يكون بالمثل، وإلزام الضامن بالقيمة اعتداء عليه بما وراء المثل، ولم يرخصه الشارع.
ولو سلم أن الآية كناية عن عدم الاعتداء زيادة على مقدار اعتداء الغاصب أو الضامن، لكن لا يفهم منها جواز الاعتداء والاقتصاص بكل شئ ليس مقدار ماليته أزيد من المضمون; لعدم كونها حينئذ إلا بصدد المنع عن التعدي بالزيادة، لا جواز الأخذ بما لا يكون زائدا، فلا إطلاق فيها من هذه الجهة.
ثم إن احتمال كون الآية إرشادا إلى ضمان المثل في المثلي، والقيمة في