الضمان لا يدل إلا على ضمان نفس العين على المبنى الأول، والمثل في المثلي على المبنى الثاني، وليس في ضمان العين ضمانات، ولا في ضمان المثل ضمانان; عرضا أو طولا، حتى يصح للمالك إسقاط جهة، ومطالبة جهة أخرى.
وشؤون العين ليست مضمونة، بل العين مضمونة وهي ذات مثل و متقومة بقيمة، فالشؤون للعين المضمونة، لا مضمونة كالعين، وهكذا الكلام في المثل على المبنى الثاني.
وأما دليل السلطنة على الأموال، فلا يقتضي مطالبة غير ما على عهدة الضامن، وهو المثل في المثلي، ولا معنى لاقتضائه أداء قيمة المال، إلا إذا قيل:
«بتبدل المثل بالقيمة عند الإعواز» وهو أول الكلام.
ومنها: ما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره); من أن منع المالك ظلم، وإلزام الضامن بالمثل منفي بالتعذر، ومقتضى الجمع بين الحقين وجوب القيمة (1).
وفيه: أن منع المالك عن القيمة إنما يكون ظلما لو ثبتت القيمة على عهدة الضامن، وهو أول الكلام، ومع ضمان المثل، إلزام الضامن بغير ما للمضمون له لعله ظلم.
ولو قيل: «إن المثل مشتمل على المالية، فتعذر المثل لا يوجب سلب سلطنة المالك عن المالية» فقد مر جوابه; بأن العهدة لا تشتغل إلا بالمثل، لا به وبالقيمة، ولا دليل على الانقلاب بمجرد التعذر.
نعم، لو كان التعذر إلى الأبد، أو إلى أمد بعيد جدا، يمكن أن يقال: إن منع المالك ظلم، وهو لا يخلو من تأمل أيضا، لكن الرجوع إلى القيمة في الفرض عقلائي، دون غيره.