والآية الكريمة بناء على ما ذكر، دالة على ضمان المثل في المثلي، وكان الحكم متعلقا بنفس الطبيعة، كما هو الشأن في جميع الأحكام وموضوعاتها، وإعواز المثل أحيانا لا يخرج الشئ عن المثلية، ولا يرفع الحكم عن الموضوع; أي طبيعة المثل في المثلي، كما أن ارتكاز العقلاء أيضا كذلك في الضمانات.
ولهذا لو فرض الإعواز في مدة طويلة، ثم وجد المثل وشاع، يحكم العقلاء بوجوب أداء المثل، وكذا لو أعوز وأراد الضامن إعطاء الفرد النادر المماثل، ليس لصاحب المال عدم قبوله لدى العقلاء.
وبالجملة: إن الضمان بالمثل قانون كلي، لم يلاحظ فيه الإعواز وعدمه، ولو قلنا بلزوم أداء القيمة عند الإعواز، فليس لأجل انقلابه إليها، بل لأقربيتها إليه في مقام التأدية.
وهذا نظير القول: بأن ظاهر قاعدة اليد ضمان نفس العين، وأداء المثل في المثلي، والقيمة في القيمي، نحو أداء لها من غير انقلاب العين إليهما (1).
وأما قوله (رحمه الله): «إنه لا فرق في تعذر المثل بين تحققه ابتداء كما في القيميات...» (2) إلى آخره، فقد عرفت ما فيه.
ومنه يظهر النظر فيما قال بعض أعاظم العصر (قدس سره): «من أن الذي يوجب في ضمان العين عند تلفها، استقرار القيمة في الذمة لا المثل، هو الميزان للتعذر الطارئ للمثل» (3) لما عرفت من أن ميزان القيمية والمثلية غير مربوط بالتعذر وعدمه، فتدبر جيدا.