مع أن في إمكان الجد في مطالبة ما لا يمكن أداؤه فعلا كلاما; لأن المطالبة الجدية لا تعقل إلا مع حصول مبادئها، ومن المبادئ احتمال انبعاث المطالب منه ببعثه ومطالبته، ومع العلم بعدم إمكان انبعاثه، لا يعقل تحقق الجد، وهو كالأمر بأمر غير معقول مع العلم بعدم معقوليته.
وما اشتهر بينهم: «من أن الإنشاء قليل المؤونة» (1) لو كان المراد به أن التلفظ بألفاظ الإنشاء كذلك، فهو ليس بإنشاء، وإن كان المراد أن الإنشاء جدا كذلك، فهو ممنوع، بل هو كسائر الأفعال الاختيارية منوط بمبادئ، لا يعقل تحققه بدونها.
وتوهم: أن المصلحة في نفس الإنشاء في المقام; لأنه به ينتقل الشئ إلى القيمة، نظير ما يقال في باب قصد الإقامة: «إنه قد تكون المصلحة في نفس القصد، لا في المقصود» (2) وفي باب الأمر: «قد تكون المصلحة في نفسه، لا في المأمور به» (3).
مدفوع: بأن إنشاء المطالبة جدا بمعنى إرادة حصول المطلوب من الطرف جدا، لا يجتمع مع عدم إرادة إيجاده، حتى تكون المصلحة في الإنشاء لا المنشأ، وكان المراد حصول الإنشاء لا المنشأ، وهذا أمر جار في نظائر المقام; مما ذكر، أو لم يذكر.
وربما تكون المصلحة في الإنشاء الجدي لا المنشأ، لكن يصير ذلك علة لإرادة المنشأ جدا; لحصول المصلحة الكامنة في الإنشاء، فيكون المنشأ