وجداني بل ثابت بالأولوية، فإن كون الانسان مسلطا على ماله يقتضي كونه مسلطا على نفسه بالأولوية القطعية، وقد قال موسى (عليه السلام): قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي (1)، وحكاه سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وعلى هذا فمقتضى القاعدة عدم ثبوت الخيار للأجنبي إلا بقبوله.
أقول: لا شبهة في أن تملك أي شئ إنما هو بالأسباب الاختيارية التي جعلت في الشريعة المقدسة من الأسباب المملكة، غاية الأمر ثبت على خلاف هذه القاعدة تملك الورثة أموال المورث بالأسباب القهرية، وكذلك في بعض الموارد من غير مسألة الإرث كالمصالحات القهرية ونحو ذلك، فليس لأحد جبر غيره تملك شئ إلا باختياره، ولذا أفتوا بعدم وجوب قبول البذل في الحج ليكون مستطيعا ويجب عليه الحج.
ولكن الظاهر أن الخيار خارج عن حدود الملك، وإن فسرناه بملك فسخ العقد.
وتحقيق ذلك أنه قد تقدم في أول البيع في بيان الفرق بين الحق والحكم أن الجواز الثابت في العقود الجائزة أو اللازمة بواسطة جعل الشارع أو جعل المتعاقدين حكم شرعي من ناحية الشارع، غاية الأمر أن ما ثبت في العقود اللازمة يفترق عما ثبت في العقود الجائزة بوجهين:
1 - إن الثابت في العقود اللازمة إما بالجعل أو بواسطة جعل الشارع كخياري المجلس والحيوان يقبل السقوط بالاسقاط بخلاف العقود الجائزة، فإن الجواز فيها أمر ثابت بجعل الشارع ولا يقبل السقوط حتى باسقاط المتعاقدين ولو قالوا: أسقطنا ألف مرة، وقد تقدم فيما سبق في