وقع ذلك محل الكلام بين الأعلام، لا شبهة أن كلمة اختر ليس من مسقطات الخيار تعبدا، فيقع الكلام في دلالته على ذلك.
وقد يقال: إن كلمة اختر معناه اسقاط خياره عن نفسه وارجاع أمر العقد إلى الطرف الآخر، وأما إذا لم يكن له خيار فمعناه تمليك خياره إليه، والحاصل أن قول القائل لصاحبه: اختر هذا العقد، معناه ارجاع أمر العقد وتفويضه إليه، بحيث لا يكون للقائل اختيار في العقد أصلا، وعليه فإن كان للطرف الآخر خيار أيضا فيسقط خيار القائل وإلا فيكون تمليكا لخيار نفسه إلى الطرف الآخر.
وقد يقال: إن معنى كلمة اختر تفويض الخيار إلى الطرف الآخر، بحيث يكون هو المفوض إليه في ذلك إما يعمل أو لا يعمل دون الاسقاط.
وقد يقال: إن معنى كلمة اختر هو استكشاف حال الطرف بالنسبة إلى العقد، أنه أي شئ يختار في العقد الفسخ أو الامضاء.
وعلى الثالث لا يكون التكلم به موجبا لسقوط الخيار، لكونه مسوقا للتجربة والامتحان، بل قيل على الثاني أيضا لا يدل على سقوط الخيار، فإن تفويض الأمر إلى صاحبه في أمر خيار المجلس لا يدل على سقوط خيار نفسه، غاية الأمر أنه يكون مثل الموكل الذي فوض أمر شئ إلى الوكيل المفوض، فإنه مع كونه وكيلا مفوضا فللموكل أيضا أن يتصرف في ذلك الشئ الذي وكل غيره فيه.
وقال شيخنا الأنصاري (رحمه الله) وهو الحق، أن كلمة: اختر، لا يدل إلا على كشف حال الطرف وامتحانه، وأما أزيد من ذلك فلا شئ من الدلالات المطابقية وغيرها، إلا أن تكون هناك قرينة حالية أو مقالية تدل على كون مراد المتكلم هو اسقاط الخيار، وهو كذلك، فإن مادة كلمة